منصور النقيدان
تتوالى أفلام فيديو لسعوديين في الداخل وأخرى لمقيمين في الخارج، مع حملات «تويترية» تنال من قيادة البلاد ومن استقرارها وأمنها، وصولاً إلى استغلال هذه الدعوات وتوظيفها من قبل وسائل إعلام معادية للمملكة، وتحديداً وسائل الإعلام الإيرانية التي لم توجه أي نقد للإرهاب والتفجير مع مساندة ومناصرة مطلقة دون استثناء أو توجيه أي نقد.
وتتعاظم الشكوك بأن تلك المقاطع كانت مرسومةً ومخططاً لها من قبل جهات خارجية لجس نبض مثل تلك التصرفات سواءً علم من قام بتلك المقاطع أو لم يعلم بذلك المخطط.
ومما يؤكد هذه الشكوك أن التحقيقات الأولية تؤكد أن واحداً من أصحاب المقاطع يتقاضى شهرياً راتباً حكومياً نصفه يذهب أقساطاً على سيارة، بينما الباقي يذهب على الكحول، في ظل تذمر والده من سلوكياته، ولكن هذا المحتج ذكر في المقطع الذي نشره أنه يعيش على أقل من نصف دخله الحقيقي!
السعودية تعيش في إقليم مملوء بالتوترات: العراق، اليمن، سوريا، السودان، مصر، لبنان، الصومال.
والسعودية مهددة من جهتين: الأولى: وجود مناطق غير محكومة من دولة.
كلبنان حيث توجد مناطق كثيرة محكومة لـ«حزب الله» وليس للحكومة اللبنانية. مما يجعل تلك المناطق مساحات لنفوذ معادٍ لمصالح المملكة.
والثانية: سعي بعض السياسيين لحل مشاكلهم المحلية من خلال خلق حروب أو عداوات مع السعودية.
لقد تخطت جميع الدول العربية ذات الحكم الوراثي عاصفة «الربيع العربي»، ولكن تقع على عاتق السعودية الآن مهمة احتواء التحديات السياسية التي تشكلها الدول التي احتضنت الثورات، هذا كله في الوقت الذي تتقارب فيه إيران والولايات المتحدة، وتعمل دولة خليجية ضد مصالح الخليج الحقيقية.
وصارت تركيا في طرف مضاد لمصالح المملكة بسبب المواقف المتباينة من «الإخوان المسلمين» ومصر، ويزيد الأمر تحدياً سعي إيران للحصول على القدرات النووية الحربية. وهو أمر يبدو أنه سيحصل بسبب التراخي في موقف الولايات المتحدة إزاء إيران.
فبالإضافة إلى ضياع العراق ووقوعه لقمة سائغة بين يدي إيران، فإن السعودية كانت قد خسرت مصر أيضاً كبلد مستقر أمنياً، والآن تتحمل المملكة والإمارات المسؤولية كاملة في دعم الحكومة المصرية الجديدة بزعامة عبدالفتاح السيسي ومحاولة تقليص عزلة مصر والإبقاء على تحالفها العسكري والسياسي مع الحليف الأميركي.
خليط من المخاوف السياسية والأمنية ينبع من الاضطرابات في مملكة البحرين، فالمعارضة الشيعية المنظمة وغير المنظمة تراها السعودية تعزيزاً لإيران، وجهود السعودية للسيطرة على هذه المعارضة تكلف المملكة الكثير على الصعيدين السياسي والمالي.
دعم الاستقرار في اليمن أيضاً يشكل عبئاً اقتصادياً وسياسياً على المملكة، فكانت «مبادرة الخليج» التي قادتها السعودية والتي تعد أحد أكبر النجاحات في إطار الاستقرار ما بعد «الربيع العربي».
ولكن على المدى البعيد، فإن الصراع الطائفي والسياسي وكذلك قطبية القبائل في اليمن، تخلق مشاكل، وتكون السعودية مطالبة للتوسط في حلها.
من المتوقع أن تكون هذه المقاطع والحملات في «تويتر» ضد السعودية، بداية حرب استنزاف، تأخذ في كل مرة شكلاً ولوناً، يخلق إرهاقاً وتشتيتاً، ينتج عنه تشجيع الصامتين أيضاً على التمرد، وحتى الآن تبقى كل هذه الحملات في العالم الافتراضي، ومن المؤكد أن حملة الشعب يتحرك في 19 أبريل لن تحقق ما ترجوه، ولكنها ستكون بداية لا أكثر، وعلى السعوديين وحلفائهم وجيرانهم أن يستعدوا لهذه الحرب الطويلة.