يطل الكاتب الصحافي الجدلي منصور النقيدان هذه المرة ليس عبر كلماته، بل عبر مذكرات مصورة مرئية لم تنشر بعد، حيث اخرج بعضا مما في جعبته من ذكريات تعود الى 14 عاما خلت، وهي فيديوهات ثلاثة نشرها عبر اليوتيوب وموقعه الالكتروني الرسمي وحسابه على تويتر.

في الفيديو الاول يظهر النقيدان مع كل من يوسف الديني ومشاري الذايدي، بينما لا يظهر في الفيديو الاول الا صوته، ويعود تاريخ الفيديو الى عام 2000 وتحديدا بتاريخ 25 – 4- 2000 الساعة العاشرة الا بضعة دقائق مساء، ويدور الحديث في البدء عن احد مقالاته الهامة وهو ” دعوة إلى تقنين وظيفة رجال الحسبة” المنشور في مجلة المجلة بتاريخ 30 – 4- 2000 في العدد 1055، وتظهر لقطات من مسودة المقال المكتوب بخط يده والممهور بتوقيعه مع ارقام هواتفه.
في المقطع المنشور يظهر كل من الديني والذايدي في احدى الشقق مع مجموعة من الكتب اثناء فرزها، لينتقل التصوير بعدها الى السيارة وكلام عن من الذايدي متحدثا عن مقالة له عن المنتديات وتاثيرها ونقاش بسيط حول تغيير العنوان .
الفيديوهات تشكل الفترة التي شهدت التغيرات الفكرية لدى النقيدان والبعض من رفاقه، وتعود المقاطع الثانية والثالثة لـ 19 – 3- من العام 2000 وحسب التاريخ الموجود عليها فقد صورت فجرا في احدى الجلسات في البر، حيث يدور النقاش حول الفكر وقابلية التلقي لدى الكبير او الصغير، بالاضافة الى الجراة في الطرح والثبات على المواقف.
ولمن لا يعرفه فمنصور النقيدان هو كاتب وصحفي من المملكة العربية السعودية, ذو اتجاهات علمانية وليبرالية، ولد في مدينة بريدة عام 1970، تسرب من التعليم قبل حصوله على الشهادة المتوسطة، تبنى مواقف إسلامية متطرفة أدت إلى دخوله للسجن، قام بمراجعات ذاتية ونقدية داخل السجن أنتجت تحولات وانعطافات فكرية مستنيرة، نشرت مقالاته في عدد من الجرائد الخليجية والعالمية. متزوج وأب لطفلين.
ونجح منصور النقيدان في تغيير تفكيره وحياته وتحول من الإمام الإسلامي إلى العلماني. وهو يناظر ويساجل ضد الإرهاب والعنف في العالم الإسلامي معرضاً حياته للخطر من أجل ذلك، في عين الليبراليين السعوديين يعد منصور النقيدان بارقة الامل فمن خلال تحوله من متطرف إلى ليبرالي نشط يمثل صورة لما يأمل الليبرالين به من في المجتمع السعودي.
وعن الفيديوهات المنشورة يقول النقيدان في موقعه الرسمي:”توضح الأفلام التالية قصة البدايات، الأسئلة والتحولات، هي أفلام نادرة قمت بتسجيلها -أحيانا رغم أنف أصدقائي- في الأعوام 1999/ 2000/ 2001 حيث كنت مع نخبة من أفضل الأصدقاء وأذكى الشباب الذين عرفتهم من أبناء مدينة بريدة ومن غيرها، كنا نعيش تجربتنا مع الحقيقة ، الهدى والضلال، القبول بالآخر، الرفض، التحرر والتبعية.
والمتابع لقصتي وقصة زملائي اليوم بعد قرابة 14 عاماً، سيعرف أن كل واحد منا قد سلك طريقه الخاص به.
من بين الأشخاص الذين ظهروا في هذه الأفلام من واصل الأسئلة ومر بتجارب وتحولات عميقة تجاوزت تلك الأفكار البسيطة، وفيهم من قنع بما كان عليه، وفينا من عاد أدراجه واختار مانشأ عليه وألفه في بيئته، ومنا من اختار الفن و الدراما والسينما مجالا لاهتماماته، وفي هذه المجموعة من اختار أن يكون شيخ دين متفتحا باحثاً في الفكر الديني وأسهم في مواجهة الفكر المتطرف، وفينا من أصبح رجل أعمال، ومن اختار المحاماة والقانون مجالا له بعيدا عن الجدال ومتاعب الأفكار. و فيهم من وجد في التقنية وعالم الكمبيوتر تحقيق ذاته.

وسيلحظ المشاهد أيضا أن في هذه المجموعة من حافظ على أصالته ونبالته، وفيا للأفكار والقيم التي آمن بها وتحدث طويلا في هذه المقاطع عن أفكاره.
في أحد المقاطع سيجد المشاهد بدايات تجربة الكتابة والنشر حيث كنا نتبادل الأفكار والأخبار حول مقالة قادمة أو تقرير صحفي أوتحقيق سينشر قريبا.
تحتوي هذه المقاطع التي نشرتها من دون أي حذف على تعليقات مرحة، ونكات طريفة، وسخرية متبادلة بين أصدقاء كانوا شلة واحدة يلتقون كل يوم تقريبا، ثم أخذتهم الحياة ومشاغلها وتباعدت بهم البلاد ونأت بهم الأوطان.
أرجو أن تستمتع أيها الزائر بهذه الأفلام، وأن تصغي جيدا للحوار ات والأفكار والأسئلة التي عبرت عن مرحلة عشناها بكل أحلامها وتطلعاتها ومخاوفها. وأن تعلم أن كل واحد من هؤلاء قد عانى من محيطه ورفقائه وعشيرته بسبب أفكار تبدو اليوم ساذجة وبسيطة, ولكنها كانت في بيئتنا أشبه بزلزال فكري.
إنها بحق كانت بداية الاستنارة وتدشينا لجيل جديد من الكتاب والمثقفين.
من بين هؤلاء الأصحاب من أراه كل أسبوع، وفيهم من ألتقيه كل شهرين، ومنهم من انقضت عشر سنوات لم أقابله، وفيهم من تصرمت سبع سنوات لا أعرف عن أخباره شيئا.وفيهم من أتحدث معه كل ليلة على الهاتف.
كانوا خير صحبة عرفتها.فسقى الله تلك الأيام.”…
وبالعودة الى السيرة الذاتية للنقيدان ففي سنوات مراهقته التحق بمجموعة إسلامية متشددة تدعى “إخوان بريدة”، وهي جماعة تنادي بالتقشف والزهد والالتزام بتعاليم محمد بن عبد الوهاب، في عام 1990 كان منصور متأثرا من التحول الحاصل في المملكة العربية السعودية بعد احتلال العراق للكويت ووجود قوات التحالف الدولي على الأراضي السعودية، في ذلك لوقت نادى دعاة الإسلام السياسي بمعارضة الحكومة، وفي منتصف عام 1991 مع مجموعة من الناشطين قام باحراق محلات الفيديو في العاصمة الرياض، ولذلك حكم عليه بالسجن لمدة سنتين وثمانية أشهر،بدأ تحوله الأيديولوجي في منتصف التسعينات عندما بدأ باعادة قراءة التراث الإسلامي المكتوب باقلام المفكرين المسلمين من المغرب والأردن، في عام 1999 نشر مقالته الأولى التي سلطت الضوء على الخلاف بين المدرسة العقلية والمدرسة النقلية في الفترة المبكرة من الحضارة الإسلامية، وأدي ذلك إلى نبذه من قبل العلماء ومن قبل زملائه ورفاقه في دربه.
في ديسمبر عام 2002 نشرت له مقابلة في منتدى إسلامي على شبكة الإنترنت صرح فيها بجرأة عن أفكاره الدينية والمذهبية نال على اثرها انتقادات قاسية من قبل المتطرفين الإسلاميين. حججه المزعجة لرجال الدين من بوؤته حكما 75بـ جلدة وفتوى تكفير وإهدار الدم أو اعلان الاستتابة العلنية.